المقالات - هبة النفق


هبة النفق | فلسطيننا

في صباح الأربعاء، 25 / 09 / 1996، استيقظت مدينة القدس المحتلة على خطوة إسرائيلية خطيرة تمثلت في فتح بوابة نفقٍ يمتد أسفل المسجد الأقصى المبارك والعقارات الإسلامية المحيطة به، بطول يقارب 450 مترًا، وهو ما اعتُبر عدوانًا سافرًا على حرمة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية.

ردًّا على هذا الفعل الاستفزازي، عقد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اجتماعًا عاجلًا للقيادة الفلسطينية، دعا خلاله الشعب الفلسطيني إلى مواجهة هذا العدوان والدفاع عن الأقصى، كما وجّه رسائل عاجلة إلى عدد من القادة العرب والدوليين، بينهم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، والعاهل الأردني الملك حسين بن طلال، والرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل، لوضعهم في صورة الخطر الجديد الذي يهدد المقدسات الإسلامية في القدس.


اندلاع الهبّة

ما إن أقدمت سلطات الاحتلال على فتح النفق في البلدة القديمة من القدس حتى اندلعت مواجهات عنيفة في ساحات المسجد الأقصى ومحيطه، سرعان ما امتدت إلى مختلف مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.

وخلال ثلاثة أيام متواصلة من المواجهات، التحمت جماهير الشعب الفلسطيني من جميع الفصائل والتيارات في مواجهة الاحتلال دفاعًا عن القدس والأقصى، لتتحول الأحداث إلى انتفاضة شعبية جديدة عُرفت باسم هبّة النفق.


الخسائر والتضحيات

أسفرت الهبّة عن استشهاد 63 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 1000 جريح في مختلف المحافظات الفلسطينية.

شارك في المواجهات أطفال المدارس والشباب إلى جانب عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، الذين وقفوا معًا في صفٍّ واحد ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، في مشهد وحدوي نادر أعاد روح الانتفاضة الوطنية الأولى.


الدلالات السياسية والوطنية

  • مثّلت هبّة النفق رسالة فلسطينية واضحة بأن المسجد الأقصى خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو المساس به.
  • كما أعادت إلى الأذهان وحدة الشعب الفلسطيني حول القدس والمقدسات الإسلامية، وأظهرت أن لدى الفلسطينيين خيارات أخرى غير التفاوض ومسار التسوية.
  • لقد أعادت الهبّة المسجد الأقصى إلى واجهة الصراع، وأكدت أن القدس ليست قضية تفاوضية بل قضية هوية ووجود، وأن الدفاع عنها واجب وطني وديني لن يتوقف.


الخلاصة

تُعد هبّة النفق عام 1996 واحدة من أبرز محطات النضال الفلسطيني المعاصر، إذ جمعت الشعب الفلسطيني بكل أطيافه في مواجهة مباشرة مع الاحتلال دفاعًا عن القدس والمقدسات.

وقد شكّلت هذه الهبّة مقدمة رمزية وروحية للانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى عام 2000)، ورسخت أن كل اعتداء على المسجد الأقصى سيقابل بهبّة شعبية عارمة، لأن الأقصى والقدس في وجدان الفلسطينيين خطٌ أحمر لا يُمسّ.


المراجع والمصادر

وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) – ملف هبة النفق 1996

الجزيرة نت – هبة النفق: شرارة الغضب من تحت الأقصى (1996)

مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – سجل الأحداث الفلسطينية 1996